متابعينا الكرام،
مع إصدارٍ جديدٍ لبرنامجِكم “القُرآنُ يتساءلُ”، والذي بدأناه في رمضانِ الماضي، نتناولُ فيهِ تَدَبُّرَ آياتٍ عظيمةٍ من كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وردتْ في صورةِ تساؤلاتٍ، الغايةُ منها بيانُ كمالِ عظمةِ اللهِ سبحانهُ، وواسعِ رحمتِهِ، ودلائلِ قدرتِهِ، وجميلِ فضلِهِ ومنَّتِهِ على الإنسانِ، وطلاقةِ مشيئتِهِ في خلقِهِ: “حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ”، كي يَتَبَيَّنَ للنَّاسِ أحقيَّتُهُ سبحانهُ لأنْ يُعبَدَ وحدَهُ، ولا يُشركَ بهِ شيئًا.
والآن سنحاول إلقاء الضوء على أحد هذه التساؤلات التي وردت في كتاب الله تعالى، وفي هذا التساؤل نتناولُ، بمشيئةِ اللهِ، آيةً تتحدث عن نعمِ اللهِ الظاهرةِ والباطنةِ على الإنسانِ.
آيةٌ عظيمةٌ من سورةِ لقمان، تُصوّرُ لنا عِظمَ نعمِ اللهِ علينا، ثم تَعرِضُ لنا كيف استقبلَ بعضُ الناسِ هذه النعمَ؟
يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ:
﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ﴾ (لقمان:20)
في هذه الآيةِ الكريمةِ يُنبّهُ اللهُ تعالى خلقَهُ على نعمِهِ عليهم في الدنيا والآخرةِ، بأنْ سخرَ لهم ما في السماواتِ وما في الأرضِ، وأسبغَ عليهم من النعمِ الظاهرةِ والباطنةِ التي لا يستطيعون لها حصرًا ولا عدًّا.
فيقولُ اللهُ تعالى ذكرهُ: ﴿أَلَمْ تَرَوْا﴾ أيْ تشاهدوا، ﴿أنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَوَاتِ﴾ من شمسٍ وقمرٍ ونجومٍ تهتدونَ بها في ظلماتِ البرِّ والبحرِ، وسحابٍ ينزلُ منه الأمطارُ لسقيِ الناسِ والحيوانِ والمزارعِ المختلفةِ، ﴿وَما فِي الأرْضِ﴾ من دابةٍ وشجرٍ وثمارٍ وزروعٍ وماءٍ وبحرٍ وفلكٍ ومعادنَ، إلى نحوِ ذلك من المنافعِ التي جعلها لمنافعِكم ومصالحِكم، ولغذائِكم وأقواتِكم وأرزاقِكم وملاذِّكم، تتمتعونَ ببعضِ ذلك، وتنتفعونَ بجميعِ ذلك، وأتمَّ عليكم نعمَهُ المحسوسةَ وغيرَ المحسوسةِ.
ولا يعدُّ الإنسانُ، من ناحيةِ حجمِهِ ووزنِهِ وقدرتِهِ الماديةِ، شيئًا إلى جوارِها، ولكنَّه فضلُ اللهِ على هذا الإنسانِ، ونفختُهُ فيه من روحِهِ، وتكريمَهُ له على كثيرٍ من خلقِهِ. هذا الفضلُ وحدَهُ قد اقتضى أن يكونَ لهذا المخلوقِ وزنٌ في نظامِ الكونِ، وأن يهيئَ اللهُ له القدرةَ على استخدامِ الكثيرِ من طاقاتِ هذا الكونِ وقواه، ومن ذخائرِهِ وخيراتِهِ.
وهذا هو التسخيرُ المشارُ إليه في الآيةِ، في معرضِ نعمِ اللهِ الظاهرةِ والباطنةِ، وهي أعمُّ من تسخيرِ ما في السماواتِ وما في الأرضِ.
أفلا ينبغي أن يفكرَ الإنسانُ ويتدبرَ، ثم يقومَ بشكرِ نعمِ اللهِ عليه، وذلك بمحبةِ المنعِمِ، والخضوعِ له، وصرفِها في الاستعانةِ على طاعتِهِ، واتباعِ نظامِهِ وشرعِهِ في جميع شؤون حياتنا، صغيرها وكبيرها على السواء؟
ولكن.. مع توالي هذه النعمِ وتتابعِها، نرى في الشطرِ الثاني من هذه الآيةِ:
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ﴾.
فكثيرٌ من الناسِ يجحدونَ بآياتِ اللهِ، ويكفرونَ بنعمِهِ، ويجادلونَ في توحيدِهِ وإخلاصِ الطاعةِ والعبادةِ له.
وختامًا، نُنبّهَ الناسَ جميعًا ألَّا يكونَ شكرُهمْ لنعم الله عليهم الظاهرةِ والباطنةِ مجردَ كلامٍ يُقالُ باللسانِ، كما هو الحالُ الآنَ في كثيرٍ من الناسِ!
بل يكونُ بالخضوعِ والانقيادِ للهِ عزَّ وجلَّ، وطاعته فيما أمر، والانتهاءِ عما نهى عنه وزجر، وصياغةِ شؤون حياتهم كلها وفق دينهِ وشرعِهِ، عملًا بكتابِهِ سبحانهُ، واهتداءً بهديِ رسولِهِ ﷺ، والابتعادِ عن اتباعِ الشياطينِ وأعوانِهِمْ قبلَ فواتِ الأوانِ.
يمكنكم مشاهدة الحلقة كاملة من الرابط 👇🏻:
https://youtu.be/H9zdczre4RQ
#القرآن_الكريم
#القرآن_يتساءل
#شكر_النعم
#جماعة_الصادعون_بالحق
مع إصدارٍ جديدٍ لبرنامجِكم “القُرآنُ يتساءلُ”، والذي بدأناه في رمضانِ الماضي، نتناولُ فيهِ تَدَبُّرَ آياتٍ عظيمةٍ من كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وردتْ في صورةِ تساؤلاتٍ، الغايةُ منها بيانُ كمالِ عظمةِ اللهِ سبحانهُ، وواسعِ رحمتِهِ، ودلائلِ قدرتِهِ، وجميلِ فضلِهِ ومنَّتِهِ على الإنسانِ، وطلاقةِ مشيئتِهِ في خلقِهِ: “حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ”، كي يَتَبَيَّنَ للنَّاسِ أحقيَّتُهُ سبحانهُ لأنْ يُعبَدَ وحدَهُ، ولا يُشركَ بهِ شيئًا.
والآن سنحاول إلقاء الضوء على أحد هذه التساؤلات التي وردت في كتاب الله تعالى، وفي هذا التساؤل نتناولُ، بمشيئةِ اللهِ، آيةً تتحدث عن نعمِ اللهِ الظاهرةِ والباطنةِ على الإنسانِ.
آيةٌ عظيمةٌ من سورةِ لقمان، تُصوّرُ لنا عِظمَ نعمِ اللهِ علينا، ثم تَعرِضُ لنا كيف استقبلَ بعضُ الناسِ هذه النعمَ؟
يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ:
﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ﴾ (لقمان:20)
في هذه الآيةِ الكريمةِ يُنبّهُ اللهُ تعالى خلقَهُ على نعمِهِ عليهم في الدنيا والآخرةِ، بأنْ سخرَ لهم ما في السماواتِ وما في الأرضِ، وأسبغَ عليهم من النعمِ الظاهرةِ والباطنةِ التي لا يستطيعون لها حصرًا ولا عدًّا.
فيقولُ اللهُ تعالى ذكرهُ: ﴿أَلَمْ تَرَوْا﴾ أيْ تشاهدوا، ﴿أنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَوَاتِ﴾ من شمسٍ وقمرٍ ونجومٍ تهتدونَ بها في ظلماتِ البرِّ والبحرِ، وسحابٍ ينزلُ منه الأمطارُ لسقيِ الناسِ والحيوانِ والمزارعِ المختلفةِ، ﴿وَما فِي الأرْضِ﴾ من دابةٍ وشجرٍ وثمارٍ وزروعٍ وماءٍ وبحرٍ وفلكٍ ومعادنَ، إلى نحوِ ذلك من المنافعِ التي جعلها لمنافعِكم ومصالحِكم، ولغذائِكم وأقواتِكم وأرزاقِكم وملاذِّكم، تتمتعونَ ببعضِ ذلك، وتنتفعونَ بجميعِ ذلك، وأتمَّ عليكم نعمَهُ المحسوسةَ وغيرَ المحسوسةِ.
ولا يعدُّ الإنسانُ، من ناحيةِ حجمِهِ ووزنِهِ وقدرتِهِ الماديةِ، شيئًا إلى جوارِها، ولكنَّه فضلُ اللهِ على هذا الإنسانِ، ونفختُهُ فيه من روحِهِ، وتكريمَهُ له على كثيرٍ من خلقِهِ. هذا الفضلُ وحدَهُ قد اقتضى أن يكونَ لهذا المخلوقِ وزنٌ في نظامِ الكونِ، وأن يهيئَ اللهُ له القدرةَ على استخدامِ الكثيرِ من طاقاتِ هذا الكونِ وقواه، ومن ذخائرِهِ وخيراتِهِ.
وهذا هو التسخيرُ المشارُ إليه في الآيةِ، في معرضِ نعمِ اللهِ الظاهرةِ والباطنةِ، وهي أعمُّ من تسخيرِ ما في السماواتِ وما في الأرضِ.
أفلا ينبغي أن يفكرَ الإنسانُ ويتدبرَ، ثم يقومَ بشكرِ نعمِ اللهِ عليه، وذلك بمحبةِ المنعِمِ، والخضوعِ له، وصرفِها في الاستعانةِ على طاعتِهِ، واتباعِ نظامِهِ وشرعِهِ في جميع شؤون حياتنا، صغيرها وكبيرها على السواء؟
ولكن.. مع توالي هذه النعمِ وتتابعِها، نرى في الشطرِ الثاني من هذه الآيةِ:
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ﴾.
فكثيرٌ من الناسِ يجحدونَ بآياتِ اللهِ، ويكفرونَ بنعمِهِ، ويجادلونَ في توحيدِهِ وإخلاصِ الطاعةِ والعبادةِ له.
وختامًا، نُنبّهَ الناسَ جميعًا ألَّا يكونَ شكرُهمْ لنعم الله عليهم الظاهرةِ والباطنةِ مجردَ كلامٍ يُقالُ باللسانِ، كما هو الحالُ الآنَ في كثيرٍ من الناسِ!
بل يكونُ بالخضوعِ والانقيادِ للهِ عزَّ وجلَّ، وطاعته فيما أمر، والانتهاءِ عما نهى عنه وزجر، وصياغةِ شؤون حياتهم كلها وفق دينهِ وشرعِهِ، عملًا بكتابِهِ سبحانهُ، واهتداءً بهديِ رسولِهِ ﷺ، والابتعادِ عن اتباعِ الشياطينِ وأعوانِهِمْ قبلَ فواتِ الأوانِ.
يمكنكم مشاهدة الحلقة كاملة من الرابط 👇🏻:
https://youtu.be/H9zdczre4RQ
#القرآن_الكريم
#القرآن_يتساءل
#شكر_النعم
#جماعة_الصادعون_بالحق