حكم الطاغوت
يقول ابن القيم رحمه الله: "من تحاكم أو حاكم إلى غير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فقد حكم الطاغوت وتحاكم إليه. والطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مُطاع. فطواغيت كل قومٍ من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله، أو يتبعونه على غير بصيرة من الله، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعةٌ لله. فهذه طواغيت العالم إذا تأملتها وتأملت أحوال الناس معها رأيت أكثرهم عدلوا من عبادة الله إلى عبادة الطاغوت، وعن التحاكم إلى الله وإلى الرسول إلى التحاكم إلى الطاغوت، وعن طاعته ومتابعة رسوله إلى طاعة الطاغوت ومتابعته. وهؤلاء لم يسلكوا طريق الناجين الفائزين من هذه الأمة، وهم الصحابة ومن تبعهم، ولا قصدوا قصدهم، بل خالفوهم في الطريق والقصد معًا."
أما الإمام محمد بن عبد الوهاب فقال: "والطواغيت كثيرون، ورؤوسهم خمسة: إبليس لعنه الله، ومن عُبد وهو راضٍ، ومن دعا الناس لعبادة نفسه، ومن ادعى شيئًا من علم الغيب، ومن حكم بغير ما أنزل الله."
فكل من يحكم بغير ما أنزل الله سبحانه وتعالى فهو طاغوت، سواء كان حاكمًا أو قاضيًا أو مشرعًا، سواء كان الرجل في أهل بيته أو في خاصته. كل هذه الحالات، ما دام الإنسان يحكم بغير ما أنزل الله، فهو يعتبر أيضًا نوعًا من أشكال الطواغوت. كذلك هناك طواغيت طاعة ومتابعة، وطاغوت الطاعة والمتابعة يشمل كل ما يتبع من عادات الآباء وأعراف القبيلة وتقاليد المجتمع ودساتير وقوانين وغيرها من الأشكال التي لا أساس لها من الشريعة.
وعلى كل حال، كل من جعل لنفسه الحق في التشريع والتحليل والتحريم للناس من دون الله سبحانه وتعالى فهو طاغوت يُعبد من دون الله، وطاعته وعبادته تكون في اتباع هذه القوانين والأحكام التي يسنها هذا الشخص وهذه الجهة. وأيما إنسان أو شخص رضي وأقر له بهذا، وتحاكم إلى ما يصدر عن هذا الشخص أو الجهة من أحكام وتشريعات، فقد جعل له الألوهية والربوبية وعبده من دون الله سبحانه وتعالى. يقول الله سبحانه وتعالى: "اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله".
مثلاً في البرلمانات، يُناقش فيها أحكام قد تكون تفصيلية، وجاءت في كتاب الله سبحانه وتعالى، تُناقش وتُعرض للناس، ويُصوت عليها ويُقرر بعد ذلك هل يُؤخذ بها أم يُؤخذ بعكسها. فهذه تعتبر من صور الطواغيت التي توجد في عصرنا الحالي أيضًا. هناك مناهج تُعتبر طواغيت كالديمقراطية مثلاً. الديمقراطية كما نعلم هي حكم الشعب باسم الشعب، تعتمد على رأي الأغلبية والتصويت على أي شيء بغض النظر هل هو موافق لشرع الله سبحانه وتعالى أم لا. فهذه الديمقراطية كمثال تُعتبر طاغوت لأنها تتعدى على حق التشريع الإسلامي وتتعارض مع مفهوم الحياة ومفهوم الواقع ومفهوم الاقتصاد، وهي منهج حياة مخالف لشريعة الله سبحانه وتعالى ومنهجه.
وأخيراً نؤكد أن الكفر بالطاغوت شرط لصحة التوحيد والإيمان. فلا شك أن جميع الرسل، صلوات الله عليهم وسلامه، جاءوا برسالة واحدة وهي التوحيد، وبكلمة التوحيد: لا إله إلا الله محمد رسول الله. وهذه الكلمة تحتوي على نفي وإثبات. فنحن ننفي الألوهية عمن سوى الله سبحانه وتعالى في 'لا إله'، إذاً يجب على القلب أن ينكر أي عبادة وأي طاعة لغير الله سبحانه وتعالى. ثم يثبت الألوهية لله سبحانه وتعالى، ويعظمه، ويجله، ويتبع أمره في حياته كلها. هذه هي الدعوة التي جاء بها جميع الرسل، نعم. فأي إله يُعبَد من دون الله فهو طاغوت، وقد جاء في القرآن الكريم قول الله سبحانه تعالى: 'لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغيب، فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى، لا انفصام لها، والله سميع عليم'. فالاستمساك هنا شرطه: الكفر بالطاغوت أولاً، ثم الإيمان بالله. فهذا شرط لصحة الإيمان وصحة التوحيد، لا يكون الإنسان مؤمنًا بالطواغيت ومؤمنًا بالله
يمكنكم مشاهدة الحلقة كاملة من الرابط 👇🏻:
https://youtu.be/FdfjGl0y6Os
#الطاغوت
#ويعلمكم_الله
#جماعة_الصادعون_بالحق
يقول ابن القيم رحمه الله: "من تحاكم أو حاكم إلى غير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فقد حكم الطاغوت وتحاكم إليه. والطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مُطاع. فطواغيت كل قومٍ من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله، أو يتبعونه على غير بصيرة من الله، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعةٌ لله. فهذه طواغيت العالم إذا تأملتها وتأملت أحوال الناس معها رأيت أكثرهم عدلوا من عبادة الله إلى عبادة الطاغوت، وعن التحاكم إلى الله وإلى الرسول إلى التحاكم إلى الطاغوت، وعن طاعته ومتابعة رسوله إلى طاعة الطاغوت ومتابعته. وهؤلاء لم يسلكوا طريق الناجين الفائزين من هذه الأمة، وهم الصحابة ومن تبعهم، ولا قصدوا قصدهم، بل خالفوهم في الطريق والقصد معًا."
أما الإمام محمد بن عبد الوهاب فقال: "والطواغيت كثيرون، ورؤوسهم خمسة: إبليس لعنه الله، ومن عُبد وهو راضٍ، ومن دعا الناس لعبادة نفسه، ومن ادعى شيئًا من علم الغيب، ومن حكم بغير ما أنزل الله."
فكل من يحكم بغير ما أنزل الله سبحانه وتعالى فهو طاغوت، سواء كان حاكمًا أو قاضيًا أو مشرعًا، سواء كان الرجل في أهل بيته أو في خاصته. كل هذه الحالات، ما دام الإنسان يحكم بغير ما أنزل الله، فهو يعتبر أيضًا نوعًا من أشكال الطواغوت. كذلك هناك طواغيت طاعة ومتابعة، وطاغوت الطاعة والمتابعة يشمل كل ما يتبع من عادات الآباء وأعراف القبيلة وتقاليد المجتمع ودساتير وقوانين وغيرها من الأشكال التي لا أساس لها من الشريعة.
وعلى كل حال، كل من جعل لنفسه الحق في التشريع والتحليل والتحريم للناس من دون الله سبحانه وتعالى فهو طاغوت يُعبد من دون الله، وطاعته وعبادته تكون في اتباع هذه القوانين والأحكام التي يسنها هذا الشخص وهذه الجهة. وأيما إنسان أو شخص رضي وأقر له بهذا، وتحاكم إلى ما يصدر عن هذا الشخص أو الجهة من أحكام وتشريعات، فقد جعل له الألوهية والربوبية وعبده من دون الله سبحانه وتعالى. يقول الله سبحانه وتعالى: "اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله".
مثلاً في البرلمانات، يُناقش فيها أحكام قد تكون تفصيلية، وجاءت في كتاب الله سبحانه وتعالى، تُناقش وتُعرض للناس، ويُصوت عليها ويُقرر بعد ذلك هل يُؤخذ بها أم يُؤخذ بعكسها. فهذه تعتبر من صور الطواغيت التي توجد في عصرنا الحالي أيضًا. هناك مناهج تُعتبر طواغيت كالديمقراطية مثلاً. الديمقراطية كما نعلم هي حكم الشعب باسم الشعب، تعتمد على رأي الأغلبية والتصويت على أي شيء بغض النظر هل هو موافق لشرع الله سبحانه وتعالى أم لا. فهذه الديمقراطية كمثال تُعتبر طاغوت لأنها تتعدى على حق التشريع الإسلامي وتتعارض مع مفهوم الحياة ومفهوم الواقع ومفهوم الاقتصاد، وهي منهج حياة مخالف لشريعة الله سبحانه وتعالى ومنهجه.
وأخيراً نؤكد أن الكفر بالطاغوت شرط لصحة التوحيد والإيمان. فلا شك أن جميع الرسل، صلوات الله عليهم وسلامه، جاءوا برسالة واحدة وهي التوحيد، وبكلمة التوحيد: لا إله إلا الله محمد رسول الله. وهذه الكلمة تحتوي على نفي وإثبات. فنحن ننفي الألوهية عمن سوى الله سبحانه وتعالى في 'لا إله'، إذاً يجب على القلب أن ينكر أي عبادة وأي طاعة لغير الله سبحانه وتعالى. ثم يثبت الألوهية لله سبحانه وتعالى، ويعظمه، ويجله، ويتبع أمره في حياته كلها. هذه هي الدعوة التي جاء بها جميع الرسل، نعم. فأي إله يُعبَد من دون الله فهو طاغوت، وقد جاء في القرآن الكريم قول الله سبحانه تعالى: 'لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغيب، فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى، لا انفصام لها، والله سميع عليم'. فالاستمساك هنا شرطه: الكفر بالطاغوت أولاً، ثم الإيمان بالله. فهذا شرط لصحة الإيمان وصحة التوحيد، لا يكون الإنسان مؤمنًا بالطواغيت ومؤمنًا بالله
يمكنكم مشاهدة الحلقة كاملة من الرابط 👇🏻:
https://youtu.be/FdfjGl0y6Os
#الطاغوت
#ويعلمكم_الله
#جماعة_الصادعون_بالحق
YouTube
ويعلمكم الله - الموضوع الرابع - مفاهيم إسلامية - الحلقة الثالثة
ويعلمكم الله - الموضوع الرابع - مفاهيم إسلامية - الحلقة الثالثة
وصلنا للحلقة الأخيرة من الموضوع الرابع من سلسلة "ويعلمكم الله" بعنوان "مفاهيم إسلامية" وقد تحدثنا في الحلقتين السابقتين عن مفهوم الدين ومفهوم العبادة، وكيف طبَّق الصحابة رضوان الله عليهم تلك…
وصلنا للحلقة الأخيرة من الموضوع الرابع من سلسلة "ويعلمكم الله" بعنوان "مفاهيم إسلامية" وقد تحدثنا في الحلقتين السابقتين عن مفهوم الدين ومفهوم العبادة، وكيف طبَّق الصحابة رضوان الله عليهم تلك…